شهدت العلاقات المالية-الجزائرية تدهوراً حاداً في الأشهر الأخيرة، عقب حادث إسقاط الجيش الجزائري طائرة مسيّرة مالية قرب الحدود المشتركة. هذا الحدث، الذي أدى إلى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة وتبادل للاتهامات بين البلدين، كشف عن تعقيدات أمنية واقتصادية عميقة في المنطقة الحدودية، خاصة مع تراكم خلافات سابقة حول التنسيق الأمني ومكافحة الجماعات المسلحة.
وأدى تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الجزائرية إلى اضطرابات حادة في سلاسل الإمداد، انعكست مباشرة على سكان المناطق الشمالية في مالي. وتجلت هذه الاضطرابات في ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الأساسية، من غذاء ووقود ومواد بناء، مما فاقم الضغوط المعيشية على السكان المحليين وهدد الاستقرار الاجتماعي في المنطقة.
وسارعت الحكومة المالية للتحرك عبر عقد وزير الصناعة والتجارة موسى الحسن ديالو اجتماعاً استراتيجياً مع قيادات القطاع الخاص، شمل كبار التجار وممثلي شركات النقل، لبحث حلول عملية لتأمين استقرار الإمدادات في البلاد. وتضمنت الإجراءات العاجلة تفعيل مسارات تجارية بديلة وتعزيز شبكات التوزيع الداخلية، مع التركيز على ضمان وصول السلع إلى المناطق المتضررة شمالاً.
ويرى محللون اقتصاديون أن استمرار التوتر الحدودي قد يدفع مالي نحو إعادة هيكلة شراكاتها التجارية الإقليمية، مع احتمال تعزيز علاقاتها مع دول الجوار الأخرى. غير أن هذا التحول يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتطوير مسارات نقل جديدة، وهو ما قد يستغرق وقتاً طويلاً ويفرض تحديات لوجستية إضافية.
وفي ظل هذه التطورات، تبرز الحاجة الملحة إلى حوار إقليمي شامل يعالج القضايا الأمنية والاقتصادية العالقة، خاصة مع تزايد المخاطر المرتبطة بنشاط الجماعات المسلحة وشبكات التهريب التي قد تستغل الفراغات الأمنية الناتجة عن التوتر الحالي. ويبقى تحقيق الاستقرار في المنطقة الحدودية مرهوناً بقدرة البلدين على تجاوز خلافاتهما وبناء إطار تعاون يخدم المصالح المشتركة للشعبين.
