يتحدث فؤاد يازوغ، المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عن مستوى غير مسبوق من الثقة بين المغرب وإسبانيا على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، مع تعاون عملي يتسم بالتنسيق والهدوء والجدية، وبحجم مبادلات تجاوز 22 مليار يورو في 2024، ضمن سياق حوار شارك فيه في منتدى World in Progress ببرشلونة.
في ملف الهجرة غير النظامية، يضع يازوغ الإنسان في صلب المقاربة: المهاجر ضحية، والمجرم هو المهرّب. الأرقام تعكس ذلك؛ المغرب أحبط أكثر من 70 ألف محاولة عبور خلال 2024، وأنقذ 18 ألف شخص في البحر، وسهّل العودة الطوعية لـ6 آلاف مهاجر إلى بلدانهم. هذه المقاربة الإنسانية تتكامل مع تعاون أمني مغربي إسباني فعّال، يقلّص المخاطر على ضفّتي المتوسط ويعزّز الثقة في إدارة الحدود والهجرة.
يرى يازوغ أن الرهانات الإفريقية، خصوصاً في الساحل، تتطلب معالجة تتجاوز الأدوات العسكرية. المنطقة تواجه شبكات تهريب للأسلحة والمخدرات والبشر إلى جانب تنظيمات إرهابية، ما يجعلها اليوم من الأكثر دموية. الاستقرار المستدام هناك يمر عبر مشاريع تنموية كبرى تخلق فرصاً اقتصادية وتعيد الأمل للشباب، لأن التدخلات المسلحة السابقة لم تنتج أثراً يُعتد به على الأرض.
ضمن رؤية المغرب للسلم والتنمية، يحضر مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب الذي يعبر 14 دولة إفريقية، كرافعة طاقة وتنمية إقليمية واسعة النطاق. إلى جانبه، تعمل مبادرات لدعم الدول غير الساحلية مثل مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو في بناء سياسات تجارية متكاملة، وتبرز دينامية “تحالف الدول الأطلسية الإفريقية” الذي يضم 21 دولة تمثل نحو 40% من الناتج الداخلي للقارة و60% من سكانها، لتوسيع التعاون جنوب–جنوب كشراكة متوازنة لا تقف ضد الشمال بل تنظّم قدرات الجنوب ليكون طرفاً نداً.
في الداخل، يقرأ يازوغ موجة احتجاجات الشباب باعتبارها مطالب مشروعة تعبّر عن مجتمع في تحول. الإنجازات في البنية التحتية والطاقات المتجددة والعدالة الاجتماعية تحتاج خطاباً تواصلياً جديداً أقرب لجيل زد وأكثر وضوحاً، لتفسير التحولات الاقتصادية والتنموية وفتح قنوات مشاركة حقيقية.
بخصوص الجزائر، يذكّر يازوغ بنداءات الملك محمد السادس المتكررة للحوار وتطبيع العلاقات، مع التأكيد أن استقرار المغرب مرتبط باستقرار الجوار وأن الرهان المغاربي مشترك. وعلى مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة، يصف الحوار بأنه بنّاء ومثمر خصوصاً حول التنمية في إفريقيا، دون الانجرار إلى تقييم سياسي إداري سابق، حفاظاً على منطق شراكات عملية تركّز على النتائج.
خلاصة موقفه أن الشراكة المغربية الإسبانية اليوم عنوانها الثقة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وأن المتوسط بحاجة إلى نموذج تعاون إقليمي ناجح؛ وإذا استمر الطرفان في العمل بنفس الروح والمسؤولية، يمكن لهذه العلاقة أن تصبح مرجعاً للتكامل الإقليمي. هكذا تتقاطع ملفات الأمن والهجرة والتنمية والطاقة في إطار روابط ثنائية قوية، وتفتح آفاقاً أوسع للتعاون الإفريقي والأطلسي.


