قضية بوعلام صنصال... الجزائر بين تصعيد الاعتباط وتضييق الحريات

أضيف بتاريخ 07/04/2025
عبر البريد الدولي

تحيا الجزائر منذ فترة على وقع تصعيد قضائي وسياسي غير مسبوق ضد الأصوات المعارضة والمستقلة، تجلى مؤخراً في تثبيت الحكم بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية ثقيلة بحق الكاتب بوعلام صنصال، في قرار اعتبره مراقبون "متوقعاً" بالنظر إلى ثبات الظروف السياسية والقضائية في البلاد. هذا الحكم، الذي لم يشهد أي تغيير في الاستئناف، يعكس استمرار مناخ الانغلاق وغياب أي إرادة رسمية للمراجعة أو الانفتاح



السلطات الجزائرية، التي توصف بأنها "نظام كريبتوقراطي" غامض ومتشعب المصالح، تواصل إدارة الملفات الحساسة بمنطق الغموض والتكتم، ما يجعل كل السيناريوهات ممكنة، من العفو الرئاسي إلى تخفيف العقوبة أو حتى الإبقاء على الوضع كما هو. في هذا السياق، تبرز ثلاث فرضيات حول مصير صنصال: عفو رئاسي محتمل بمناسبة عيد الاستقلال، تطبيق العقوبة مع تخفيفها، أو الإفراج المؤجل، مع بقاء عنصر المفاجأة حاضراً في كل لحظة.

القضية لا تنفصل عن سياق إقليمي ودولي متوتر، إذ تتزامن مع تصاعد التوترات بين الجزائر وفرنسا، وتزايد الحساسيات حول ملف الصحراء الغربية. كما أن إدانة الصحفي الفرنسي كريستوف غليزيس بسبع سنوات سجناً بتهمة "تمجيد الإرهاب" تعكس تصعيداً في استخدام الترسانة القانونية ضد الأصوات غير المرغوب فيها، في مناخ يوصف بأنه "مزايدة في الاعتباط" القضائي.

السلطات الجزائرية لجأت في الحالتين إلى تهم تتعلق بالإرهاب أو المساس بالوحدة الوطنية، مع تركيز خاص على "الحركة من أجل تقرير مصير القبائل" (MAK)، المصنفة كتنظيم إرهابي. هذا التركيز يُفسَّر كاستراتيجية لإقصاء المعارضة الديمقراطية الحقيقية، وتوجيه الأنظار نحو خصم هامشي يسهل شيطنته، في حين يتم تحييد كل ما تبقى من روح الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية ودولة القانون.

هذا التصعيد القضائي والسياسي يعكس، في العمق، حالة من الهشاشة والقلق داخل النظام الجزائري، الذي يتأرجح بين خطاب القوة العسكرية والشعور الدائم بالتهديد الداخلي والخارجي. كما أن التطورات الإقليمية، مثل تطبيع المغرب مع إسرائيل وتعزيز التعاون العسكري بينهما، توفر للنظام مبررات إضافية لتشديد القبضة الأمنية وتبرير خطاب "الخطر الدائم".

في ظل هذا المشهد، تبدو الحاجة ملحة إلى انفراج سياسي وإعلامي حقيقي يسمح بظهور كفاءات جديدة ويعيد الأمل في إصلاح ديمقراطي فعلي. فاستمرار سياسة القمع والاعتباط لا يمثل سوى انتصار مؤقت للسلطة، لكنه يهدد مستقبل البلاد ويعمق عزلتها على المستويين الداخلي والدولي.