شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط تنظيم المسيرة السنوية للحراطين، تحت شعار "الميثاق من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للحراطين". هذه المسيرة، التي انطلقت للعام الثاني عشر، جمعت مئات المواطنين من مختلف الأعراق والتيارات السياسية، لتجدد المطالبة بإنهاء التمييز وتعزيز الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية في البلاد.
رغم أن موريتانيا أعلنت رسميًا إلغاء العبودية عام 1981، إلا أن الواقع على الأرض يكشف استمرار هذه الظاهرة بأشكال متعددة، سواء عبر الاسترقاق التقليدي أو الممارسات الحديثة المرتبطة بالفقر والتهميش. وتقدر منظمات حقوقية أن ما بين 1% إلى 20% من السكان ما زالوا يعيشون في ظروف تشبه العبودية، خاصة في صفوف الحراطين، الذين يمثلون نحو 40% من سكان موريتانيا. ويعاني الحراطين من التهميش الاجتماعي والاقتصادي، وحرمانهم من فرص التعليم والعمل والمشاركة السياسية، ما يجعلهم الفئة الأكثر ضعفًا في المجتمع الموريتاني.
المسيرة السنوية للحراطين ليست مجرد حدث رمزي، بل هي صرخة احتجاج ضد الظلم والإقصاء، ورسالة واضحة إلى السلطات بضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان المساواة والكرامة لجميع المواطنين. يطالب المشاركون بتفعيل القوانين التي تجرم العبودية، وتوفير التعليم والرعاية الصحية، وضمان التوزيع العادل للثروات الوطنية. كما يدعون إلى تمكين المرأة الحراطينية وإشراكها في الحياة العامة، باعتبارها جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي.
رغم بعض الخطوات الرسمية، مثل سن قوانين جديدة تصنف العبودية كجريمة ضد الإنسانية، وتعيين بعض الشخصيات الحراطينية في مناصب حكومية، إلا أن التغيير الحقيقي لا يزال بطيئًا، في ظل مقاومة من بعض النخب التقليدية واستمرار العقلية الطبقية في المجتمع. نشطاء الحراطين يؤكدون أن النضال سيستمر حتى تتحقق العدالة والمساواة، وتصبح موريتانيا وطنًا لجميع أبنائها بلا استثناء أو تمييز.