تشهد العلاقات بين النظامين الإيراني والجزائري في السنوات الأخيرة تقارباً ملحوظاً، يتجاوز التعاون الدبلوماسي التقليدي ليشمل ملفات حساسة تثير قلق المجتمع الدولي، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة.
تكرّر الجزائر في المحافل الدولية دعمها لما تسميه "الحق المشروع" لإيران في تطوير برنامج نووي سلمي، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مؤخراً تقديره للموقف الجزائري المبدئي في مجلس الأمن بشأن هذا الملف، مثمناً التعاون بين البلدين في الدفاع عن القضايا المشتركة، خاصة القضية الفلسطينية. هذا الدعم ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لمواقف سابقة عبّر عنها الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، الذي اعتبر أنه "من غير المقبول حرمان الدول الأعضاء في معاهدة عدم الانتشار من حقها في التكنولوجيا النووية السلمية".
لكن هذا التقارب لا يقتصر على الدعم الدبلوماسي. تقارير متعددة كشفت عن تورط دبلوماسيين جزائريين في نقل أموال إيرانية إلى حزب الله اللبناني، المصنف كمنظمة إرهابية دولياً. كما تؤكد مصادر استخباراتية وإعلامية أن الجزائر تلعب دوراً محورياً في تسهيل عبور الأسلحة الإيرانية إلى جبهة البوليساريو في الصحراء، ما يفاقم النزاع مع المغرب ويؤجج التوتر في منطقة الساحل والمغرب العربي.
يرى مراقبون أن هذا التحالف بين الجزائر وإيران يتجاوز المصالح الثنائية ليصبح جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى خلق بؤر توتر في شمال إفريقيا والساحل، عبر دعم جماعات انفصالية أو متطرفة (البوليساريو، حزب الله، وغيرهما)، ما يهدد الأمن الإقليمي ويعزز النفوذ الإيراني في المنطقة على حساب الاستقرار والوحدة.
العلاقة بين النظامين الإيراني والجزائري لم تعد مجرد تعاون دبلوماسي أو تضامن في القضايا الإسلامية، بل تحوّلت إلى شراكة استراتيجية ذات أبعاد أمنية وعسكرية خطيرة، تُستغل فيها قضايا الشعوب العربية لخدمة أجندات جيوسياسية ضيقة، وتضع الجزائر في موقع المتهم بالمساهمة في زعزعة استقرار المنطقة وخدمة مشاريع إيران التوسعية.