شهد شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة التونسية تحولاً دراماتيكياً في مشهد الاحتجاجات النقابية التقليدية، حيث تجمع آلاف المتظاهرين في الأول من مايو 2025 في مظاهرة حاشدة تجاوزت المطالب العمالية المعتادة
وتحول المشهد في قلب تونس العاصمة من مجرد احتفال بعيد العمال إلى تظاهرة سياسية واسعة النطاق، حيث رفع المحتجون أصواتهم مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإنهاء ما وصفوه بالقمع السياسي. وقد نظم الاتحاد العام التونسي للشغل هذا التجمع الذي شكل منعطفاً هاماً في تاريخ الحركة النقابية التونسية.
وفي خطاب لافت، انتقد نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ما أسماه "خنق الأصوات" و"سجن الشباب"، مؤكداً أن النقابة لن تتراجع عن دورها في الدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية.
وتأتي هذه التطورات في سياق أزمة سياسية متصاعدة منذ يوليو 2021، حين اتخذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية أدت إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي التونسي. وقد شهدت البلاد منذ ذلك الحين موجة من الاعتقالات طالت شخصيات سياسية ومحامين وصحفيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتزامنت هذه الاحتجاجات مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، مما زاد من حدة التوتر الاجتماعي. وقد عبر المتظاهرون عن رفضهم للوضع القائم من خلال هتافات تذكر بأجواء ثورة 2011، مطالبين بتغيير سياسي شامل.
وفي الوقت الذي تشهد فيه تونس هذه التحولات الداخلية، تبقى علاقاتها الإقليمية، خاصة مع الجزائر، محكومة بمصالح متبادلة وتحديات مشتركة، دون أن يعني ذلك تبعية سياسية كما يروج البعض.
وتشير التطورات الأخيرة إلى تحول عميق في المشهد السياسي التونسي، حيث أصبحت المطالب النقابية والاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من حركة احتجاجية أوسع تطالب بإصلاحات سياسية جذرية وعودة المسار الديمقراطي.