تكشف الوثائق الدبلوماسية الفرنسية اليوم عن الخلفيات الحقيقية لاتفاقيات الجزائر المؤرخة في 27 ديسمبر 1968، وهي صفحة غير معروفة من تاريخ العلاقات الفرنسية الجزائرية. هذه الوثائق، التي ظلت سرية لفترة طويلة، تسمح بفهم الدوافع العميقة التي أدت إلى هذه الاتفاقيات وتأثيراتها الدائمة على سياسة الهجرة بين البلدين
في أعقاب اتفاقيات إيفيان عام 1962، كان الهدف من حرية التنقل بين الجزائر وفرنسا هو تسهيل عودة "الأقدام السوداء". لم يتوقع شارل ديغول حجم هذه الظاهرة: أكثر من 50,000 جزائري وصلوا إلى فرنسا في عام 1962 وحده. وكما ذكر ستيفان هيسل، المستشار الوزاري آنذاك في الجزائر، في برقية مؤرخة في 10 يناير 1968: "في اللجنة المشتركة التي تم إنشاؤها في ديسمبر 1966، لم نجتمع منذ أكثر من عام، وهذا ليس أمراً جيداً".
تراكمت التوترات بين باريس والجزائر. قام هواري بومدين بتأميم الشركات الفرنسية في عام 1967، بينما رفعت فرنسا الضرائب على النبيذ الجزائري. انقسمت الوزارات الفرنسية حول النهج الذي يجب اتباعه: دعت وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقييد صارم يصل إلى 11,000 عامل سنوياً، في حين فضلت وزارة الداخلية موقفاً أكثر مرونة.
جمعت مفاوضات أكتوبر 1968 شخصيات متباينة المزاج. واجه جيلبرت دو شامبرون، مدير الاتفاقيات الإدارية في وزارة الخارجية، جمال حوحو، الذي وصفه هيسل بأنه "صديق ذو مزاج ناري وجليدي". لعب رضا مالك، السفير في باريس والمتحدث السابق باسم إيفيان، دوراً حاسماً في الحصول على موافقة بومدين.
أصبح إدخال شهادة الإقامة حجر الزاوية في الاتفاقيات. كما لاحظ هيسل في ملاحظاته: "نحن نظهر ليبرالية شديدة". تتطلب هذه الوثيقة، الصالحة لمدة خمس سنوات، وظيفة مستقرة لمدة تسعة أشهر، وشهادة سكن، وشهادة طبية. تم تحديد الحصة السنوية بـ 35,000 عامل، مع بند للمراجعة وفقاً للظروف الاقتصادية.
تم التوقيع في 27 ديسمبر 1968 بين جان باسديفان، السفير الفرنسي الجديد، وعبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية الجزائري. على الرغم من تعديلها بعدة ملاحق، خاصة في عام 2001، ظلت هذه الاتفاقيات الإطار المرجعي للعلاقات المتعلقة بالهجرة بين فرنسا والجزائر، حتى بعد وقف هجرة العمال الذي قرره بومدين في عام 1973.
المصدر: الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي، لو بوان رقم 2751، أبريل 2025