الملف الفرنسي الجزائري 2025: تحليل جديد للمشهد الدبلوماسي المتغير

أضيف بتاريخ 04/14/2025
منصة الجنوبية


يشهد المسار الدبلوماسي بين فرنسا والجزائر تحولاً جوهرياً في 2025، حيث تتجه العلاقات نحو مرحلة جديدة بعد أزمة دبلوماسية امتدت لثمانية أشهر. وقد كشفت دراسة معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) عن تعقيدات هذا التحول وأبعاده المتعددة.

بدأت الأزمة مع إعلان باريس دعمها لسيادة المغرب على الصحراء الغربية في أكتوبر 2024، وتفاقمت مع قضية الكاتب بوعلام صنصال وملف المهاجرين. غير أن المحادثات الأخيرة بين الرئيسين ماكرون وتبون، وزيارة الوزير باروت للجزائر، تشير إلى تبني نهج براغماتي جديد.

وتتميز العلاقات الفرنسية الجزائرية بخصوصية تاريخية، حيث تربط البلدين روابط معقدة تشمل وجود جالية فرنسية-جزائرية متنوعة، من حركى وأقدام سوداء ويهود جزائريين، إضافة إلى العلاقات الناتجة عن الزيجات المختلطة. هذا التداخل الاجتماعي والثقافي يخلق علاقات شبه حميمية بين البلدين، ويؤدي أحياناً إلى تداخل بين السياسة الخارجية والداخلية.

يأتي هذا التحول في سياق إقليمي معقد، حيث تواجه الجزائر تحديات متعددة على حدودها الجنوبية، خاصة في منطقة الساحل. وتكشف تحليلات الخبير براهيم عمنصور عن تحول في التوازنات الاقتصادية، مع تراجع النفوذ الفرنسي لصالح شركاء جدد كالصين وإيطاليا.

وتكتسب منطقة المغرب العربي أهمية استراتيجية متزايدة لفرنسا، خاصة في ظل تراجع نفوذها في إفريقيا جنوب الصحراء، وانسحاب قواتها من بوركينا فاسو ومالي. وتتعاون فرنسا مع دول المنطقة من خلال مبادرات متعددة، أبرزها مبادرة 5+5 للدفاع التي تجمع خمس دول من شمال إفريقيا وخمس دول أوروبية متوسطية.

تتجاوز العلاقات الفرنسية الجزائرية البعد الثنائي لتشمل قضايا استراتيجية أوسع في المنطقة المغاربية والساحل. فالتعاون في مجالات الطاقة والأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة يفرض نفسه كضرورة للطرفين.

وتواجه الجزائر تحديات أمنية كبيرة، خاصة بعد إلغاء مالي لاتفاق الجزائر الموقع مع متمردي أزواد عام 2015. كما أن حادثة الطائرة المسيرة المالية التي اخترقت المجال الجوي الجزائري تعكس مخاوف النظام الجزائري من التهديدات الأمنية على حدوده، خاصة بعد الهجوم الإرهابي على منشأة عين أمناس للغاز في 2013.

وتشير المعطيات الجديدة إلى أن الجزائر تسعى لتعزيز موقعها الإقليمي عبر مشاريع استراتيجية، منها خط الغاز العابر للصحراء مع نيجيريا، في حين تحاول فرنسا الحفاظ على مصالحها في المنطقة وسط منافسة دولية متزايدة.

ويبقى التحدي الأكبر أمام البلدين هو إيجاد توازن بين المصالح الاستراتيجية المشتركة والحساسيات التاريخية، في ظل تنامي دور القوى الدولية الأخرى في المنطقة، من روسيا إلى تركيا والإمارات العربية المتحدة.