نظرة تاريخية على العلاقات المالية الجزائرية: من التضامن إلى التوتر

أضيف بتاريخ 04/11/2025
منصة الجنوبية


تشهد العلاقات المالية الجزائرية تحولاً جذرياً يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل التعاون بين البلدين. فقد كانت مالي، تحت قيادة الرئيس موديبو كيتا، داعماً قوياً للثورة الجزائرية خلال حرب التحرير، حيث قدمت دعماً لوجستياً واستراتيجياً لجبهة التحرير الوطني في فترة حاسمة من تاريخ البلدين.

وتجلى هذا الدعم في توفير قواعد خلفية في تمبكتو وغاو وكيدال للمقاتلين الجزائريين، بالرغم من الضغوط الدولية والإقليمية. كما خصصت مالي طوابع بريدية خاصة لدعم القضية الجزائرية مالياً، حيث كان يتم تخصيص خمسة فرنكات من قيمة كل طابع لدعم جبهة التحرير الوطني. وكان عبد العزيز بوتفليقة، الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجزائر، من بين القادة البارزين الذين استفادوا من هذا الدعم المالي والسياسي.

وكما يشي سيدي موديبو كوليبالي في مقاله المنشور على موقع صحيفة ساحل تريبيون، لم يقتصر دور مالي على دعم الثورة الجزائرية فحسب، بل امتد ليشمل الوساطة في حل النزاعات الإقليمية. فقد لعب موديبو كيتا دوراً محورياً في حل أزمة حرب الرمال عام 1963 بين الجزائر والمغرب، مما ساهم في تخفيف التوتر بين البلدين وإرساء أسس السلام في المنطقة.

وفي السياق الإقليمي الحالي، يكتسب هذا التاريخ المشترك أهمية خاصة في فهم ديناميكيات العلاقات بين البلدين. فقد كان فرانز فانون، المفكر البارز في حركة التحرر، قد أشاد بدور مالي في دعم حركات التحرر الأفريقية، مؤكداً التزامها الثابت بقضايا القارة. وقد تجلى هذا الالتزام في خطاب تاريخي للرئيس موديبو كيتا في موسكو عام 1962، حيث أكد أن "مالي لن تعتبر مهمتها مكتملة طالما بقي شبر واحد من الأرض الأفريقية تحت الاحتلال الاستعماري."

وفي خضم التحديات الأمنية المعاصرة في منطقة الساحل، يبرز السؤال حول كيفية إعادة بناء جسور الثقة والتعاون بين البلدين. فالتاريخ المشترك يقدم دروساً قيمة حول إمكانات التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية.