في خضم انعقاد قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي في باريس، يتساءل المراقبون عن موقع القارة الأفريقية في خريطة هذا التطور التكنولوجي الهائل. وبينما تشارك بعض الوفود الحكومية الأفريقية في هذا الحدث العالمي، تظل الفجوة التقنية بين أفريقيا وبقية العالم عميقة، رغم التقدم الملحوظ في دول مثل رواندا وكينيا والمغرب ونيجيريا.
وفي تقرير نشرته صحيفة "لوبسرفاتور بالجا" البوركينية، تم تسليط الضوء على المخاوف من أن تفوت القارة الأفريقية قطار ثورة الذكاء الاصطناعي، خاصة مع انشغالها بتحديات أخرى ملحة كمكافحة الفقر والجوع والأمية وانعدام الأمن والصراعات وآثار التغير المناخي. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية في مواجهة هذه التحديات.
وتشهد القارة الأفريقية حراكاً ملحوظاً في مجال الابتكار التكنولوجي، حيث تتنافس دول مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا ورواندا والمغرب على الريادة في هذا المجال. وتتركز التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية، والروبوتات الطبية، وتوصيل الأدوية بواسطة الطائرات المسيرة، والطب عن بعد.
وفي تطور لافت خلال قمة باريس، تم إطلاق مبادرة "Current AI" بمشاركة المغرب ونيجيريا وكينيا، إلى جانب دول غربية أخرى. تهدف المبادرة إلى جمع 2.5 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتسهيل الوصول إلى قواعد البيانات في مجالات الصحة والتعليم. كما شهدت القمة حضوراً أفريقياً قوياً من وزراء الاقتصاد الرقمي من توغو والمغرب ونيجيريا وكينيا ورواندا وسيراليون وليسوتو وغينيا بيساو.
ويجري العمل حالياً على إطلاق المجلس الأفريقي للذكاء الاصطناعي، الذي سيقدم خطته الاستراتيجية في قمة "Transform Africa" المقررة في كيغالي في يوليو المقبل. ورغم هذه الخطوات الإيجابية، تظل التحديات الرئيسية متمثلة في تمويل البنية التحتية مثل مراكز البيانات، وتطوير وسائل جمع وتخزين البيانات، وتدريب المهندسين بما يتناسب مع واقع القارة.
إن مستقبل أفريقيا في عصر الذكاء الاصطناعي يعتمد على قدرتها على الاستفادة من هذه التقنيات لتعزيز تنميتها في مجالات الزراعة والصحة والتعليم. فالذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً، بل ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تواجه القارة السمراء.