بوعلام صنصال: مسار الإفراج ووساطة ألمانيا

أضيف بتاريخ 11/19/2025
منصة الجنوبية


عاد الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال إلى فرنسا بعد عام من سجنه في الجزائر، في محطة أنهت فصلًا حادًا من التوتر الدبلوماسي بين باريس والجزائر وأبرزت دور برلين كوسيط موثوق. رحلة الإفراج مرّت بمناورات سياسية دقيقة، وتقاطعت فيها ملفات حساسة مثل الصحراء الغربية، وقضايا الهجرة، وحدود الخطاب العام حول الإسلام السياسي وحرية التعبير.

صنصال، البالغ 81 عامًا، مفكّر وروائي معروف بمواقفه الحادّة ضد السلطوية والإسلام السياسي. اعتقاله في نوفمبر 2024 وتبعاته القضائية السريعة—من التهم المرتبطة بـ«المساس بوحدة الدولة» إلى أحكام مشددة—حوّلت قضيته إلى اختبار لإرادة الأنظمة في إدارة الخلافات من دون تصعيد. تفاقمت الأزمة أصلًا على خلفية اعتراف باريس عمليًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ما أشعل غضب الجزائر ورفع منسوب القطيعة.

في فرنسا، تذبذبت الاستجابة: رهان أولي على القنوات الهادئة، ثم خطاب حاد من الإليزيه يدين الاحتجاز «التعسّفي»، فحراك إعلامي وسياسي قاده أساسًا رموز اليمين واليمين المتطرّف، الأمر الذي أثار حرجًا لدى جزء من مؤيّدي الكاتب خشية توظيف الملف. وعلى الضفة الأخرى، زادت الحساسية تجاه مفردات «الكرامة» و«الشرف»، لتتعقّد مسارات الحل المباشر.

هنا برزت برلين. علاقات الجزائر الجيدة بألمانيا—المصحوبة بسابقة علاج الرئيس تبون في كولونيا خلال جائحة كوفيد—وفّرت أرضية لوساطة غير مستفِزّة سياسيًا. اقتراح العودة إلى أوروبا عبر ألمانيا بدلًا من الهبوط مباشرة في باريس حفظ ماء الوجه للنظام الجزائري، وسمح بإخراج القضية من مأزق «الاستجابة لضغط المستعمِر السابق»، فصدرت الموافقة بالعفو، ونُقل صنصال إلى برلين لتلقّي العلاج قبل أن يتوجّه لاحقًا إلى باريس.

الإفراج لا يُنهي كل شيء. لا تزال ملفات شائكة على الطاولة: إعادة قبول المرحّلين بخلافات حادّة، ملف الصحراء الغربية كعنوان صدامي، وحالة الصحفي الفرنسي كريستوف غليز المُدان في الجزائر، وهي قضايا تختبر استعداد البلدين لخفض التصعيد وبناء قناة عملية «هادئة وفعّالة». لكن استعادة صنصال حرّيته تبقى إشارة على أن الوساطات الذكية، حين تتجنب الاستقطاب، قادرة على تحقيق نتائج ملموسة.