عرفت أروقة الأمم المتحدة في نيويورك مشهداً غير معهود خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة، حيث تحولت المنصة الدولية إلى ساحة لتبادل الاتهامات الحادة بين الجزائر ومالي.
بدأ رئيس الوزراء المالي عبد الله معيقة المواجهة في خطابه يوم 26 سبتمبر، متهماً الجزائر بـ"تصدير الإرهاب" على خلفية إسقاط طائرة مسيرة مالية في أبريل الماضي. وأعلن معيقة عن رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، واصفاً الجزائر بأنها "بطلة في دعم الإرهاب"، مستشهداً بهجوم تينزواتن في يوليو 2024.
وجاء الرد الجزائري عبر وزير الخارجية أحمد عطاف بعد ثلاثة أيام، حيث وصف خطاب معيقة بأنه "ثرثرة مبتذلة" من "شاعر مزيف وانقلابي حقيقي"، في تصعيد غير مسبوق للهجة الدبلوماسية.
ويعكس هذا التصعيد تدهور العلاقات بين البلدين منذ إعلان مالي في يناير 2024 إنهاء اتفاق الجزائر للسلام المبرم عام 2015. وتصر الجزائر على أن الاتفاق لا يزال "الإطار الأمثل" لحل الأزمة المالية.
وتفاقمت الأزمة في أغسطس 2024 عندما شنت مالي غارات بالطائرات المسيرة قرب تينزواتن ضد متمردي جبهة تحرير أزواد، مما دفع الجزائر للمطالبة بعقوبات أممية. وردت مالي باتهام جارتها بأنها "صوت للدعاية الإرهابية".
وشكل حادث إسقاط الطائرة المسيرة نقطة تحول في الأزمة، حيث أدى إلى استدعاء السفراء وإغلاق المجال الجوي بين البلدين. وفي حين تؤكد الجزائر أن الطائرة اخترقت مجالها الجوي، تصر مالي على أنها أُسقطت فوق أراضيها.
وبعد رفض الجزائر الاعتراف باختصاص محكمة العدل الدولية، اختار البلدان تصفية حساباتهما علناً في أكبر منصة دبلوماسية عالمية، في مشهد يعكس عمق الأزمة بين البلدين الجارين.