فرنسا في مأزق: جنودها السابقون يعودون إلى إفريقيا عبر بوابة الشركات العسكرية الخاصة

أضيف بتاريخ 05/26/2025
منصة الجنوبية


تعيش فرنسا حالة من الحرج المتزايد بسبب تزايد أعداد جنودها السابقين العاملين في إفريقيا ضمن شركات عسكرية خاصة، بعد سنوات من تقليص وجودها العسكري الرسمي في القارة. ففي الوقت الذي أعلنت فيه باريس عن إعادة تموضع قواتها وسحب قواعدها من منطقة الساحل وأجزاء من غرب إفريقيا، ملأت شركات أمنية دولية هذا الفراغ، مستقطبة خبرات العسكريين الفرنسيين الذين يمتلكون معرفة عميقة بالبيئة الإفريقية واللغة الفرنسية.

وتنتشر هذه الشركات، التي تتخذ من أوروبا والولايات المتحدة وتركيا مقرات لها، في عدة دول إفريقية مثل بنين ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تقدم خدمات متنوعة تشمل التدريب والحماية اللوجستية وتأمين المنشآت الحيوية، وأحياناً المشاركة في عمليات ميدانية مباشرة. ويشكل الجنود الفرنسيون السابقون عنصراً أساسياً في هذه الشركات، ما يثير تساؤلات حول طبيعة الدور الفرنسي الجديد في القارة.

هذا الواقع الجديد يضع الحكومة الفرنسية في موقف حرج، إذ تسعى باريس إلى طي صفحة "فرنسا الإفريقية" والتدخلات العسكرية المباشرة، لكنها تجد نفسها متهمة بشكل غير مباشر بمواصلة التأثير عبر هؤلاء المتعاقدين. وتزداد المخاوف من أن يُنظر إلى هؤلاء العناصر كواجهة جديدة للنفوذ الفرنسي، خاصة أن القوانين الفرنسية تمنع رسمياً العمل كمرتزقة مسلحين.

في المقابل، تتصاعد الشكوك في الأوساط الإفريقية، حيث يرى البعض أن وجود هؤلاء المتعاقدين يعكس استمرار النفوذ الفرنسي بطرق ملتوية، فيما تتنافس شركات روسية وتركية وأمريكية على تقديم خدمات مماثلة في دول فقدت فيها فرنسا الكثير من نفوذها التقليدي.

يبقى السؤال مطروحاً حول قدرة فرنسا على ضبط هذا التحول، خاصة في ظل تصاعد الخصومات الجيوسياسية في إفريقيا، وتزايد الاعتماد على الشركات العسكرية الخاصة كبديل عن الجيوش النظامية، في مشهد يزداد تعقيداً وغموضاً يوماً بعد يوم.