نفوذ إيران في إفريقيا: تعليم وشبكات ونفط

أضيف بتاريخ 12/29/2025
من تحقيق لجون أفريك

تفيد روايات من قاعة المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية بأن صورًا كبيرة لروح الله الخميني وعلي خامنئي تصدرت المشهد. الحضور لاحظوا يوم 8 سبتمبر 2025 وجود إبراهيم يعقوب زكزاكي في الصفوف الأولى دون أن تبدو عليه علامات التردد. الشهادات تذهب إلى أن المشهد قُرئ بوصفه إشارة على مكانة الرجل لدى دوائر القرار في طهران.



ألقى الزعيم الديني الشيعي النيجيري إبراهيم يعقوب زكزاكي الكلمة الختامية لليوم الدولي السنوي لإحياء ذكرى مذبحة كربلاء في مقر إقامته في أبوجا عام 2014


 


تشير معطيات متقاطعة إلى أن زكزاكي بدأ ناشطًا طلابيًا سنّيًا في زاريا بولاية كادونا، قبل أن يتأثر بأحداث 1979 ويتحول إلى المذهب الشيعي بعد زيارات لإيران. وتوضح المصادر أنه أسّس لاحقًا "الحركة الإسلامية النيجيرية" كمنصة دعوية وسياسية معارضة، وأن نشاطه استهدف بشكل خاص الأوساط الطلابية عبر منح دراسية إلى قم، ما رسّخ قنوات تعليمية ودينية تربط نيجيريا بالمدن الحوزوية الإيرانية.

تُظهر الوثائق أن جامعة المصطفى، التي تشكّلت عام 2007 بدمج مؤسسات تعليمية دينية بأمر من المرشد الإيراني، تعمل بوصفها ذراعًا تعليمية عابرة للحدود في أكثر من خمسين بلدًا إفريقيًا. وتذكر تقديرات أن آلاف الطلبة استفادوا من منح كاملة أو شبه كاملة، وأن الجامعة توسّعت بسلاسة إلى فضاءات افتراضية عبر لجان جامعات إسلامية رقمية. وتورد السجلات أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات عليها في ديسمبر/كانون الأول 2020 بدعوى استخدامها منصةً للتجنيد وإرسال مقاتلين إلى سوريا دعمًا لقوات الرئيس السوري بشار الأسد، ثم لحقت كندا بالمسار بعد عامين.



حضر الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان (ظهره للكاميرا) المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية في طهران بتاريخ 8 سبتمبر/ 2025. 


 


تقارير ميدانية تفيد بأن نيجيريا عُدّت نقطة ارتكاز مبكرة في حسابات قوة القدس التابعة للحرس الثوري. ويُستشهد على ذلك بحادثة مصادرة شحنة أسلحة في ميناء لاغوس عام 2010، حيث دارت تساؤلات حول الوجهة الفعلية للصواريخ والقذائف. وتفيد مصادر أمنية بأن أسماء قيادية في قوة القدس ظهرت في خيوط القضية، وبأن تحركات دبلوماسية إيرانية لاحقة ساعدت على طي بعض تبعاتها، ما عُدّ مؤشرًا على حساسية المسرح النيجيري في منظومة الإمداد والتموضع الإيراني.

تسرد شهادات لاحقة سلسلة ضغوط طاولت زكزاكي ومحيطه، من أحداث دامية في يوليوز 2014 خلال مسيرة مؤيدة لفلسطين في زاريا، إلى توقيفه في ديسمبر/كانون الأول 2015 ثم إطلاق سراحه في 2021. وتقول مصادر إن شبكات مرتبطة بإيران فعّلت أدوات ضغط قانونية وإعلامية لدعم مسار الإفراج، وإن الحركة واصلت تلقّي دعمٍ مالي سنوي مكّنها من تأسيس مؤسسات اجتماعية مثل "مؤسسة الشهداء" بفروع في دول إفريقية عدة، إلى جانب إنشاء قناة "الولاية" بالهوسا بدعم مؤسسات مرتبطة بإعلام الدولة الإيرانية.

على صعيد الخطاب والتعبئة، تُسجّل معطيات عن صعود شخصيات إفريقية ذات حضور إعلامي عابر للحدود. من بين هذه الشخصيات الناشط كِمي سبا، الذي نُقل أنه قدّم في ديسمبر/كانون الأول 2023 محاضرة في طهران عن ارتباط النضالات الإفريقية بالمشهد الفلسطيني. وأن تقاربه مع إيران وضع تحركاته تحت رقابة متزايدة لدى عواصم غربية. وتُقرأ هذه الأنشطة ضمن خط دعائي يسعى إلى توطين الرسائل الإيرانية بلغات وسياقات محلية.



الناشط الأفريقي كيمي سيبا، المولودة في بنينيس، خلال مؤتمر في طهران، أبريل 2024. 


 


في شمال غرب إفريقيا، تذكر وثائق أن اسم جبهة البوليساريو ورد في تقاطعات مع شبكات حزب الله وسوريا خلال العقد الماضي. وتشير مذكرة منسوبة إلى أجهزة سورية إلى ترتيبات تدريبية شملت مجموعات من مقاتلي البوليساريو في لبنان، وإلى زيارات متكررة لبيروت من أجل التنسيق. وتضيف شهادات أن تغيّرات السلطة في دمشق أواخر 2024 وما تلاها ترافق معها كلام عن توقيفات وتفاوض حول عناصر مرتبطين بالجبهة، في صورة تعكس براغماتية إيرانية في إدارة التحالفات على قاعدة أولوية صراع النفوذ الإقليمي مع المغرب وحلفائه.



مصادر دبلوماسية وأمنية تورد أن دبلوماسيين وشبكات وساطة لعبوا أدوارًا محورية في تعميق الحضور الإيراني بالقارة. ويُذكر اسم أمير موسوي كمثال على مسارات تنقّل بين عواصم إفريقية وأوروبية. وتُسجل في السودان وإثيوبيا إشارات إلى ظهور طائرات مسيّرة إيرانية الصنع (شاهد، مهاجر، زاجيل) خلال السنوات الأخيرة، عبر ترتيبات توريد تعتمد شركات واجهة في ولايات قضائية متعددة لتجاوز العقوبات. فيما نشرت وزارة الخزانة الأمريكية لوائح عقوبات في يناير/كانون الثاني 2025 طالت وسطاء مرتبطين بمنظومات الصناعات الدفاعية السودانية.

بيانات تتبّع الملاحة البحرية تفيد أن إيران اعتمدت "أسطول ظلّ" لنقل النفط، مع استخدام واسع لأعلام تسجيل مرنة في دول إفريقية مثل ليبيريا وسيراليون. وتُذكر حالات تغيير أسماء ورايات سفن مثل Lafit (المعروف سابقًا بـYingha Spirit) وSeabass للحد من قابلية التعقّب. ويشير موقع TankerTrackers إلى قفزة في الصادرات اليومية من نحو 1.5 مليون برميل في 2023 إلى ما يتجاوز 1.7 مليون في 2024، مع استمرار الارتفاع في 2025، بما يعكس قدرة الشبكات البحرية والمالية على تدوير العائدات بعيدًا عن آليات الرصد.

قراءات أمنية تُخلص إلى أن إفريقيا تُستخدم منصةً لتشييد طبقات متداخلة من النفوذ الإيراني: تعليم عقائدي وتنظيمي عبر جامعة المصطفى، بنى تعبئة إعلامية محلية وعابرة للحدود، وصلات أمنية مع وكلاء مثل حزب الله وقوة القدس، وتمويلات غير مباشرة عبر تجارة النفط. ووفق هذه القراءات، يتركز رصد الاستخبارات الغربية والإسرائيلية لمفاصل هذا الانتشار، مع متابعة خاصة للملف النيجيري حيث تنشط "الحركة الإسلامية النيجيرية" في تنظيم احتجاجات تحمل رموزًا فلسطينية وتستهدف الولايات المتحدة وإسرائيل في خطابها.