يفيد رصد صحفي أن قرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر بالاعتراف بالصحراء المغربية يُنظر إليه كنقطة تحوّل تقلّص الغموض السياسي وتفتح نافذة اقتصادية أمام الأقاليم الجنوبية، ولا سيما جهة الداخلة وادي الذهب. وتُذكر هذه الخلاصة في سياق متابعة لملف الاستثمارات الذي قيل إنه قد يستفيد من وضوح الإطار السياسي لدى جزء من الفاعلين الدوليين.
وبحسب تقرير لمنصة الأعمال الفرنسية La Tribune، نُقل عن رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، ينجا الخطاط، أن اتضاح المعالم السياسية يُفترض أن يسهّل محادثات أكثر عملية بين الأطراف، ويحدّ من الالتباس الذي كان، وفق تعبيره، يعيق فهم ما يجري على الأرض.
وتشير المعطيات الواردة في التقرير إلى أن تموضع الداخلة عند تقاطع أوروبا وإفريقيا على الواجهة الأطلسية يمنحها ميزة لوجستية، ويُستشهد على ذلك بمشروع الميناء الأطلسي للداخلة الذي ذُكر أنه أُنجز منه نحو 40% باستثمار لا يقل عن مليار يورو. ويُفهم من الطرح أن المرفق مرشح لتعزيز جاذبية الجهة ومنح دول الساحل منفذاً مباشراً إلى البحر، فيما يُنظر إلى مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب كبنية تحتية استراتيجية لأمن الإمدادات وتنويع مصادر الطاقة.
وفي ما يتعلق بالشراكة مع فرنسا، تُفيد المتابعات بأن الزخم عاد منذ صيف 2024 عقب اعتراف باريس بالصحراء المغربية؛ إذ قيل إن لقاءات بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) ونظيره الفرنسي (MEDEF) في الداخلة عكست تقارباً عملياً عبر “نادي رؤساء الشركات فرنسا–المغرب”. كما يُذكر أن هذه الدينامية تتقاطع مع برنامج تنموي خاص بالأقاليم الجنوبية أُطلق سنة 2015 ويُقال إن نسبة إنجازه تقارب 90%، مع توجيه الموارد إلى البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية.
وبشأن القطاعات، تُظهر الأرقام التي أوردها التقرير أن الصناعة البحرية تُعدّ ركيزة محلية؛ إذ أُشير إلى ارتفاع مساهمة الصيد وتثمين المنتجات البحرية في الناتج الداخلي من 12.7% في 2014 إلى 17.3% في 2023، مع توسّع نحو أسواق في أوروبا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية (منها البرازيل). كما يُفهم أن النشاط الفلاحي يركّز على منتجات مطلوبة مثل الطماطم الكرزية والشمام والتوتيات، مع الإشارة إلى حضورها في أسواق أوروبية وأمريكية بفضل سلاسل تبريد وتصدير توصف بأنها منضبطة زمنياً.
وتذكر المصادر نفسها أن مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر استقطبت سبع شركات متعددة الجنسيات إلى الأقاليم الجنوبية، مستفيدة من موارد الرياح والشمس، على نحو يُرجَّح أنه لا يقتصر على توليد الكهرباء فحسب، بل يمتد إلى تهيئة بيئة صناعية لطلب كهرباء منخفضة الكربون وإنتاج مشتقات خضراء قابلة للتصدير لاحقاً.
وعن السياحة، يُقال إن الربط الجوي المباشر من الداخلة إلى باريس ومدريد، مع رحلات مرتقبة إلى مرسيليا وبوردو ووصلات مع لانثاروتي وتينيريفي ولاس بالماس، أسهم في تسريع الوتيرة. ويُنقل أن المناخ المعتدل والرياضات البحرية عززا استثمارات فندقية، بعضها من مستثمرين أمريكيين، مع إشارة إلى أن افتتاح قنصلية أمريكية في المنطقة قد يُطمئن رأس المال القادم من وراء الأطلسي.
أما مؤشرات إنشاء الشركات، فتشير البيانات المتداولة إلى تأسيس 1,733 شركة جديدة في جهة الداخلة وادي الذهب خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، وهو رقم قيل إنه يتجاوز حصيلة عام 2024 كاملة البالغة 1,434 شركة. وتُبيّن النسب المذكورة أن التجارة استحوذت على نحو 54.37% من الإحداثات، تلتها “قطاعات متنوعة” بحوالي 10.54%، بما يُفسَّر على أنه اتساع في قاعدة رواد الأعمال والبنية الخدمية المساندة.
ويُستفاد من تصريحات متطابقة أن التوجه العام يراهن على تحويل الداخلة إلى منصة تعاون مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مع إبقاء قنوات الشراكة مفتوحة مع الفاعلين الأوروبيين، خصوصاً فرنسا، بالنظر إلى تكامل سلاسل التوريد والخبرة التقنية. ويُفهم أن هذه الرؤية تتأسس على عناصر متكررة في المصادر: إطار سياسي أكثر استقراراً، مشاريع لوجستية كبرى مثل الميناء الأطلسي، تكامل الطاقة المتجددة مع الصناعة، واتساع الربط الجوي.
وبالنسبة للمستثمرين الذين يقيّمون وجهات جديدة في شمال وغرب إفريقيا، تُقدَّم الصحراء المغربية—وخاصة الداخلة—على أنها تجمع مزايا عملية تشمل موقعاً على محاور التجارة الأطلسية وأصولاً طبيعية تخفّض كلفة الطاقة ومنظومة تصدير نامية في الصيد والفلاحة، مع توجّه مؤسساتي نحو تبسيط الإجراءات وتنسيق الشراكات. وتخلص القراءات إلى أن التحدي الفعلي يتمثل في سرعة تحويل هذه المرتكزات إلى استثمارات تشغيلية ذات أثر محلي مستدام.