أصدر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تقريره السنوي "التيارات الأطلسية" في نسخته الثانية عشرة، بالتزامن مع انعقاد الدورة الرابعة عشرة من "الحوارات الأطلسية" في الرباط، تحت عنوان "الأطلسي الموسّع: بناء الشراكات في زمن الاضطرابات".
يقدّم التقرير قراءة معمّقة لحركيات الفضاء الأطلسي الموسّع، ويستكشف كيف يمكن تحويله إلى إطار عملي للتعاون وبناء الشراكات، في زمن تتقاطع فيه التحولات الجيوسياسية مع التطور التكنولوجي والضغوط المناخية لإعادة تشكيل النظام العالمي.
يوضح المركز أن مركزية الأطلسي لم تعد حكراً على شماله؛ فالحوض الموسّع بات ساحة محورية للتنسيق السياسي، وإدارة الأزمات جماعياً، وتجديد أسس العلاقة بين الشمال والجنوب، مع إبراز الأطلسي كمنصة للحوار وإعادة تشكيل الشراكات في بيئة تتطلب مرونة وطنية وتضافر الجهود وأشكال تعاون مبتكرة.
يتوسّع التقرير في تحليل إعادة الاصطفافات الجيوسياسية، وتحول طبيعة الصراعات نحو أبعاد اقتصادية وسيبرانية، وصعود وسطاء جدد يعيدون رسم خرائط النفوذ. كما يرصد احتدام المنافسة حول التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والموارد الحيوية وأنشطة أعماق البحار، مؤكداً دور الابتكار في تحديد موازين القوى.
يتناول الإصدار التفاعل بين المناخ والأمن والتنمية بوصفه محوراً أساسياً؛ إذ يفاقم تغيّر المناخ الهشاشة ويغذي النزوح ويهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي، خاصة في المناطق ذات الهشاشة المائية والطاقية والمؤسسية. في هذا السياق، يبرز الحوض الأطلسي كفضاء تتقاطع فيه الضرورات المرتبطة بالتحول الطاقي والحكامة المستدامة.
يضم التقرير 33 فصلاً موزعة على سبعة أقسام، ساهم فيها قرابة أربعين خبيراً من القطاعين العام والخاص ومنظمات دولية، يمثلون عشرين دولة، منها ثماني عشرة دولة أطلسية، بما يعكس تنوع الرؤى الذي يثري فهم الهوية المتعددة للفضاء الأطلسي.
تتمثّل الرسالة الجوهرية للإصدار في الدعوة إلى رؤية للأطلسي بوصفه فضاءً مشتركاً للبشرية، لا ساحة مواجهة عقيمة، مع التأكيد على تطوير أطر إقليمية أكثر مرونة قائمة على تحالفات موضوعاتية، لتمكين حلول عملية للتحديات المتنوعة، وفي مقدمتها الاستدامة والاقتصاد الأزرق.