نشرت مؤسسة كونراد أديناور الألمانية تقريرها السابع من سلسلة Morocco Radar حول قرار مجلس الأمن رقم 2797 المتعلق بالصحراء المغربية، معتبرةً أن النص يُثبّت مبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد للتفاوض. القرار اعتُمد في 31 أكتوبر 2025 بإحدى عشرة صوتاً مقابل ثلاث امتناعات، مع عدم مشاركة الجزائر، ويُشير ست مرات إلى مبادرة الحكم الذاتي ويذكر السيادة في ديباجته، ويكلف الأمين العام ومبعوثه الخاص بتيسير المفاوضات ضمن هذا الإطار. دعم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة كان حاسماً في تشكيل أوسع أغلبية مُسجَّلة في هذا الملف.
التقرير يقرأ مسار الوصول إلى القرار عبر استراتيجية أمريكية دفعت صراحةً نحو توصيف مبادرة الحكم الذاتي بوصفها الإطار الوحيد للتفاوض، مع نقاش حول مدة تجديد ولاية المينورسو وآجال مراجعتها. كما يلاحظ الفجوة بين لغة القرار الواضحة وبين تأويلات بعض الفاعلين؛ الرباط تؤكد مرجعية الحكم الذاتي وسيادة المغرب، بينما يُصرّ مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا على “عدم استباق النتائج”، وهو موقف لا تعكسه صياغة القرار التي تُشير إلى أن “حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية” هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق.
عملياً، يضع القرار الكرة في ملعب الرباط لتحديث مبادرة 2007 وتحويل الدعم السياسي إلى عرض مؤسسي مُفصّل وقابل للتنفيذ: هياكل الحوكمة، توزيع الاختصاصات، الآليات المالية، والضمانات الديمقراطية. دستور 2011 والجهوية المتقدمة يوفران قاعدة لشرح كيفية اشتغال الحكم الذاتي ضمن البنية الدستورية الوطنية، مع ضرورة إبراز الاتساق مع التنظيم الترابي للمملكة وتفادي صناعة لا تماثل مؤسسي مع بقية الجهات.
يشير التقرير إلى نقاط يقظة، أبرزها توصيف “حكم ذاتي حقيقي” الذي تبناه القرار من دون تعريف. هذا الإبهام ساعد على توسيع قاعدة التصويت، لكنه قد يتحول إلى أداة ضغط إذا اعتبرت أطرافٌ معارضة أن أي صيغة مغربية ليست “حقيقية بما يكفي”، ما يستدعي عملاً استباقياً لجعل النسخة المُحدَّثة من المبادرة هي التعريف العملي المقبول دولياً لهذا المفهوم.
على مستوى الفرص، يبرز مساران متلازمان: أولاً، ترسيخ الاعتراف القانوني عبر نقل النقاش من “النزاع على السيادة” إلى “تطبيق الحكم الذاتي”، بما ييسّر مواءمة المقاربات القضائية والتنظيمية الدولية مع قرار مجلس الأمن، خاصةً في قضايا الاتفاقات التجارية والموارد. ثانياً، خلق دينامية نحو تسوية نهائية مع عزل البدائل الأخرى وإغلاق المسارات المتوازية. وثالثاً، رافعة اقتصادية مدعومة بزيادة اليقين السياسي: مشاريع الطاقات المتجددة، الميناء الأطلسي بالداخلة ومنطقته الحرة، وتموقع لوجستي نحو غرب ووسط إفريقيا، إلى جانب زخم مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب ومبادرة الأطلسي.
في المقابل، يرصد التقرير ثلاثة مخاطر: إعادة تدوير الغموض حول “الحكم الذاتي الحقيقي” كمفتاح لابتزاز تنازلات إضافية؛ تحوّل تجديد ولاية المينورسو إلى رتابة سنوية تُبطل زخم القرار إذا غابت مفاوضات جوهرية؛ ومحاولات تحويل مسار النقاش إلى “إجراءات بناء ثقة” أو “ترتيبات ما قبل التفاوض” بما يُعيد إدخال خيارات سابقة من الباب الخلفي ويفرغ القرار من جوهره.
نظرة إلى الآفاق تُظهر أن مبادرة الستين يوماً التي أعلنها الموفد الأمريكي ستيف ويتكوف رفعت الكلفة السياسية للتعطيل، مع إشارة إلى أولوية رئاسية أمريكية لدفع تسويات سريعة. هذا يضيّق هامش المناورة أمام الجزائر والبوليساريو، خصوصاً مع حديث واشنطن عن تصنيف وشيك للبوليساريو ككيان إرهابي. المغرب، بالمقابل، في موقع يسمح له بالانخراط على الجوهر وتقديم نسخة مُحكَمة ومُحدَّثة من مبادرة الحكم الذاتي كاستجابة بنّاءة تعزّز الإطار الوحيد الذي اعتمده مجلس الأمن.