تأجل التصويت على مشروع قرار الصحراء الغربية 24 ساعة بعد أن كان مقرراً الخميس، ليُعقد الجمعة 31 أكتوبر. رسمياً، منحت الأمم المتحدة أولوية للملف العاجل في السودان، بينما تدور في الكواليس مفاوضات مكثفة حول صياغة القرار، مع اتصالات متواصلة وتداول نسخ متعاقبة خلال الأيام الأخيرة، ومحاولات من الجزائر لتعديل عبارات محددة في النص وفق مصادر متقاطعة.
في نيويورك، ومع اقتراب ساعات التصويت، يبدو الإطار العام للقرار مرسوماً: النص الذي ترعاه واشنطن يكرّس أولوية خطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها مقترحاً "واقعياً وموثوقاً ودائماً"، ويوسّع بصورة صريحة اعتبار الجزائر "طرفاً" في المسار، ويعيد التشديد على المشاركة "من دون شروط مسبقة وبحسن نية" في أيّ محادثات مقبلة. بالنسبة إلى الرباط، يُعد هذا التوصيف تحولاً مركزياً ينهي رواية اعتبار الجزائر مجرد "دولة مجاورة" ويقاربها كطرف مباشر في معالجة ملف الصحراء الغربية.
في هذه الساعات، اللغة هي ساحة المواجهة. كل كلمة في القرار تحمل أثراً سياسياً وقانونياً، والاتجاه العام يدفع نحو مقاربة "التسوية السياسية" تحت رعاية الأمم المتحدة. يشير دبلوماسيون مطلعون إلى أن مصطلح "الاستفتاء" تراجع حضوره في الدينامية الأممية الراهنة، فيما تبرز خطة الحكم الذاتي كقاعدة "جدية وذات صدقية" للنقاش. هذا التحول لا يمثل قفزة مفاجئة بقدر ما يواصل مساراً تراكمياً بدأ منذ 2007، تقوم عليه الدبلوماسية المغربية بثبات ومن دون عناوين احتفالية.
أما الجزائر، فتتعامل مع التأجيل كساحة زمنية إضافية لإدارة السردية: توسيع هامش الامتناعات المحتملة، الدفع بتعديلات لفظية، أو التسويق لوجود "تحسينات" على النص. غير أن اتجاه التصويت يبدو واضحاً: الولايات المتحدة "تمسك بالقلم" في الصياغة، وتمانع أي تمييع للمضامين الأساسية. تميل روسيا إلى امتناع تقني، فيما تحافظ الصين على حذر محسوب، مع اقتناع عام بأن الجمود لم يعد قابلاً للاستدامة.
على خط الرباط، لا تبدو مؤشرات نشوة. الرسالة المقصودة هي الاستمرارية: تثبيت مرجعية الخطة، والتشديد على طاولة مفاوضات تضم الأطراف كافة، أي المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، "من دون شروط مسبقة". النسخة المتداولة من مشروع القرار تمنح الأمين العام تفويضاً لإحياء هذا المسار بصيغة "الموائد المستديرة" التي سبق اختبارها.
في المقابل، يُظهر المشهد الجزائري عزلة سياسية آخذة في التبلور خلف نبرة تصعيدية. تتنوع الأدوات بين ضغوط اللحظة الأخيرة وطرح تعديلات من القاعة وتسريبات انتقائية للنسخ بغرض التأثير على الانطباعات. غير أن حسابات مجلس الأمن واضحة: تسع أصوات من دون فيتو كافية لاعتماد القرار، والامتناع لا يوقف المرور. العام الماضي، عُبرت القرار 2756 بـ12 صوتاً مؤيداً ودون اعتراضات، مع امتناعين، ولم تشارك الجزائر في التصويت. هذا العام، تبدو الصورة أكثر تحديداً.
لغة القرار المقتضبة مرجحة، لكن دلالتها ثقيلة. فهي توضح مركزية خطة الحكم الذاتي كأرضية تفاوضية، وتؤكد إشراك الجزائر كطرف، وتدفع نحو مشاركة بناءة في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة. بهذا المعنى، لا يجلب التأجيل تغييراً في هندسة النص، بل يمدّد فقط إيقاع المشهد. بعد التصويت، يُرتقب صدور مواقف رسمية من الرباط، تشمل تصريحات لوزير الخارجية ناصر بوريطة وممثل المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، فيما تشدد الجزائر حضورها الإعلامي.
في الجوهر، نحن أمام عملية تثبيت لا انقلاب. يضيّق النص الخناق السياسي على الجزائر والبوليساريو ضمن منطق الحل السياسي الواقعي، ويشدّد على أن "من يفرض اللغة يحدد الإطار": المعركة الآن لغوية، تحدد المصطلحات ملامح التسوية. مع بدء يوم نيويورك، يكون جزء من التصويت قد حُسم عملياً عبر توازنات تم نسجها بعيداً عن الميكروفونات، بين عواصم ووزارات، وبوسائط اتصال سريعة وهادئة، تعكس طبيعة دبلوماسية جديدة رقمية الإيقاع.
على المستوى العملي للبحث، تندمج كلمات مفتاحية بديهية في هذه القراءة: الصحراء الغربية، الأمم المتحدة، مجلس الأمن، خطة الحكم الذاتي، المغرب، الجزائر، الولايات المتحدة، روسيا، الصين، التصويت، القرار الأممي. إدراجها هنا ليس زخرفة، بل امتداد منطقي لمضمون النص وتوازناته الحالية، بما يضمن فهماً أدق لمسار الملف ضمن سياقه الإقليمي والدولي.