فجّر ستيف ويتكوف، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، مفاجأة دبلوماسية من العيار الثقيل في برنامج "60 دقيقة" على شبكة سي بي إس، معلناً: "نعمل على ملف الجزائر والمغرب... سيكون هناك اتفاق سلام خلال 60 يوماً". تصريح يتزامن مع تحرك أممي غير مسبوق يتجلى في مشروع قرار مرتقب لمجلس الأمن يعيد تشكيل مستقبل قضية الصحراء.
في نيويورك، يكشف مشروع القرار المنتظر عرضه للتصويت في 30 أكتوبر عن تحول جذري في المقاربة الأممية. النص الذي حصل "لوديسك" على نسخة منه يقلص مدة بعثة المينورسو إلى النصف، ليصبح ستة أشهر فقط حتى 31 يناير 2026. ويتجاوز القرار الصيغ التقليدية ليصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بـ"الجاد والواقعي وذي المصداقية"، معتبراً إياه "الحل الأكثر قابلية للتطبيق".
تتحرك واشنطن على مسارين متوازيين: الأول دبلوماسي مباشر بين قطبي المغرب العربي، والثاني عبر الأمم المتحدة لحسم ملف الصحراء. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو كان قد أكد في أبريل الماضي مركزية مقترح الحكم الذاتي، فيما عزز مساعد الرئيس للشؤون الأفريقية مسعد بولس هذا التوجه خلال جولته الإقليمية.
تسعى الجزائر، التي تجد نفسها في موقف دقيق، إلى تحويل هذا التحدي إلى فرصة للعودة إلى الساحة الدولية. تقدم نفسها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب في الساحل، مستندة إلى مذكرة تفاهم عسكرية مع قيادة أفريكوم. كما تلوح بورقة الثروات المعدنية، خاصة المعادن النادرة، في محاولة لتعزيز موقعها التفاوضي.
على الأرض، فرضت التقنيات العسكرية المغربية، خاصة الطائرات المسيرة، واقعاً جديداً حد من مناورات البوليساريو في المنطقة العازلة. في المقابل، تواجه مخيمات تندوف تحديات متزايدة مع تنامي الإحباط بين الشباب، بينما يواصل المغرب تعزيز استثماراته في الأقاليم الجنوبية، خاصة في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة والبنى التحتية الموانئ.
يضع المسار الأمريكي الجديد الطرفين أمام مسؤولية تاريخية: المغرب مطالب بتقديم ضمانات ملموسة حول الحكم المحلي وإدارة الموارد والأمن في إطار مقترح الحكم الذاتي، والجزائر أمام فرصة للخروج من عزلتها الدبلوماسية مقابل انخراط إيجابي في المسار الجديد.
للمرة الأولى منذ نصف قرن، تتوفر معادلة جديدة قد تفضي إلى حل: إرادة أمريكية حازمة، وإطار أممي واضح، ومصلحة مشتركة للطرفين في تجاوز الجمود. تبقى الأسابيع الستون القادمة حاسمة لمعرفة ما إذا كان هذا المسعى سيحقق اختراقاً تاريخياً في منطقة المغرب العربي.