تعتمد روسيا في سياستها الخارجية بمنطقة المغرب والمشرق على مقاربات تتسم بالمرونة وتنويع الشراكات، متجاوزة الصورة التقليدية للدبلوماسية التي تقتصر على العلاقات مع «حلفاء» دائمين. ففي الواقع، توازن موسكو بين علاقاتها الرسمية مع الأنظمة وتواصلها مع فاعلين غير حكوميين، مستعملة أدوات دبلوماسية تقليدية وأخرى غير تقليدية، كتوظيف الشركات الأمنية الخاصة.
تتميز الاستراتيجية الروسية بمبدأ "التقسيم" الذي يسمح لها بتطوير علاقات وثيقة وثنائية مع مختلف البلدان رغم التوترات في ملفات إقليمية حساسة، كالحرب في سوريا أو التنافس في ليبيا ومالي. كما تحتل الاعتبارات الاقتصادية موقعاً مركزياً في طريقة إدارة علاقاتها بالمنطقة، حيث تظل مبادلات الطاقة والأسلحة والغذاء حاسمة بالنسبة للعديد من الشركاء.
تواصل روسيا الحفاظ على قنوات الحوار حتى مع الأطراف التي لم تعد ضمن حلفائها التقليديين، مثل النظام الجديد في سوريا بعد رحيل الأسد. ورغم تراجع نفوذها العسكري، تظل موسكو تسعى للتموقع كقوة وساطة وبراغماتية، تستثمر خطاب مواجهة الغرب وتُبرز نفسها بديلاً في علاقة مع بلدان اختارت مواقف وسطية تجاه الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية.
انخراط روسيا في التوازنات الإقليمية يبرز أيضًا في مواقفها من الملفات الشائكة مثل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، إذ تسعى للاستفادة من سخط الرأي العام العالمي على السياسات الإسرائيلية لإضفاء شرعية على مواقفها الدولية، خاصة في ظل خطاب "ازدواجية المعايير" الذي يروّج له الإعلام الروسي.