تخيلوا أن القوات المسلحة الملكية المغربية تعيد الانتشار في المنطقة العازلة خارج الجدار الأمني. هذا السيناريو طرح في نهاية أكتوبر 2022 من قبل عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة. ومن دون إصدار حكم، أجرى موقع TelQuel تمرينًا استشرافيًا حول هذا الفرضية.
قال عمر هلال: "إذا انسحبت الأمم المتحدة من المنطقة العازلة، فإن المغرب سيكون في حقه أن يستعيد الجزء من صحرائه الذي وُضع تحت إشراف بعثة المينورسو". جاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي عُقد بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار 2654 بشأن تجديد ولاية المينورسو.
بوضوح، المغرب يترك الباب مفتوحًا – في حال انسحاب مراقبي الأمم المتحدة أو استخدام المنطقة العازلة عسكريًا من طرف جبهة البوليساريو – لإعادة الانتشار في نحو 53,200 كلم²، أي ما يعادل 20% من مساحة الصحراء المغربية (266 ألف كلم²).
هذه التصريحات لم تقابل حاليًا بأي ردود فعل رسمية من البوليساريو أو الجزائر، لكنها تطرح نقاشًا حول جوانب التشغيل العملي لهذا السيناريو. من بين الحالات المطروحة، انسحاب المينورسو أو منعها من أداء المهمة، إضافة إلى لجوء البوليساريو لاستخدام أو إطلاق طائرات مسيَّرة قتالية عبر المنطقة، ما قد يهدد عناصر القوات المغربية أو مدنيين. وإذا تأكدت المعلومات حول حصول البوليساريو على طائرات إيرانية، فقد يعزز ذلك احتمال التصعيد الإقليمي غير المسبوق.
تجربة الكركرات عام 2020 شكلت آخر تحرك بارز للقوات المسلحة الملكية خارج الجدار، عبر تأمين المعبر الحدودي مع موريتانيا دون خسائر بشرية. غير أن إعادة الانتشار الكامل في المنطقة العازلة سيكون تغييرا جذرياً في واقع النزاع، وقد يؤدي إلى تصعيد حقيقي بعد عقود من الجمود.
إذا قرر المغرب فعليًا استعادة السيطرة على المنطقة العازلة، فهذا يفرض تغييرًا في العقيدة العسكرية للقوات المسلحة وتجهيزًا طويل المدى لمواجهة خصم يعتمد على تكتيكات المباغتة ولديه خبرة في البيئات الصحراوية، بالإضافة إلى احتمال الاستفادة من دعم خارجي مثل حزب الله. لكن محللين عسكريين يعتبرون أن سيناريو احتلال شامل للمنطقة العازلة غير مرجح بسبب كلفته السياسية وفقدان المغرب لمزايا استراتيجية توفرها خطوط الدفاع الحالية.
الجدار الدفاعي وفر للمغرب أفضلية تكتيكية وأمنية بإجبار البوليساريو على أسلوب مواجهة تقليدي بدل حرب العصابات. تجاوز الجدار سيعرض قوات الجيش المغربي للمخاطر ويجعلهم أهدافا للعدو، كما أن بناء بنى تحتية دفاعية جديدة في زمن وجيز أمر شبه مستحيل، ويتطلب تعبئة هائلة للموارد البشرية والمادية.
تنفيذ عملية عسكرية بهذا الحجم يفرض تبني تكوينات قتالية متعددة الأسلحة (برية، جوية، مدفعية، هندسة...) كما في العقيدة الغربية أو الروسية، مع ضرورة تحديد هدف استراتيجي واضح، لأن غموض الهدف كان سببًا في فشل أقوى الجيوش في حروب أفغانستان والعراق وفيتنام.
لكن هذه المقاربة تبقى محفوفة بمخاطر عالية بسبب تضاريس المنطقة العازلة، إذ أن معظم السيناريوهات تشير إلى تعرض القوات المغربية لهجمات مباغتة، ألغام وكمائن، وضعف خطوط الإمداد، وحاجة متزايدة للمعدات واللوجستيك والاحتياط، إضافة إلى تهديدات قادمة من الجزائر التي يمكن أن تزود البوليساريو بالسلاح والدعم.
المصدر: TelQuel.ma – نُشر في 11 نوفمبر 2022