تشهد مناطق شمال موزمبيق منذ سنوات موجة عنف متصاعدة تقودها جماعات متشددة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث تتكرر الاعتداءات ضد السكان المدنيين، مع تصاعد ملحوظ في استهداف المجتمعات المسيحية عبر عمليات قتل جماعية وحرق للكنائس والمنازل. تتحدث تقارير ميدانية عن مشاهد مروعة من عمليات ذبح وتهجير قسري، وسط تدهور أمني وإنساني يضع الحكومة المحلية والمجتمع الدولي أمام مسؤوليات جسيمة.
تأسست الأزمة الأمنية في إقليم كابو ديلغادو شمال البلاد منذ عام 2017، مع توسع نفوذ جماعة تطلق على نفسها "الدولة الإسلامية في وسط أفريقيا"، والتي أعلنت بيعتها لتنظيم داعش. اتبعت هذه الجماعات نمط هجمات مسلحة على قرى بأكملها، تضمنت قتل المدنيين وحرق دور العبادة والمنازل، وخطف النساء والأطفال. وقد فاقم هذا السيناريو الصادم مشاعر الرعب والفرار الجماعي داخل المجتمع المحلي، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تهجير مئات الآلاف من السكان، وتزايد أعداد ضحايا النزاع بشكل مستمر.
يمثل العنف الطائفي واستهداف المسيحيين تحديدًا مؤشراً خطيراً على تحول تلك الجماعات إلى أدوات لتغذية الصراعات الدينية، مزعزعة الاستقرار الإقليمي. وتبرز أحداث موزمبيق في سياق أوسع يشمل مناطق أخرى من إفريقيا، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، حيث تتكرر الاعتداءات الممنهجة على الأقليات الدينية بممارسات توصف بـ"الإبادة الصامتة". وتكمن الخطورة في سهولة توسع هذا النموذج العنيف أمام غياب حلول أمنية فعّالة وضعف التنسيق الدولي.
المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، مطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لدعم الحكومة الموزمبيقية والمعونات الإنسانية للضحايا. كما يتطلب الأمر تعزيز التعاون الاستخباراتي الإقليمي لمواجهة تمدد هذه الجماعات ومنع تصاعد موجات التطرف والعنف، بالإضافة إلى مكافحة خطاب الكراهية وحماية المدنيين، خاصة الفئات المستهدفة على أسس دينية أو عرقية. وتشدد منظمات حقوقية على أهمية تشجيع المصالحة المجتمعية وإعادة الإعمار، إلى جانب تعزيز الحلول السياسية والتنمية الاقتصادية لتحجيم التربة الخصبة التي يتنامى فيها التطرف.
تظل القضية الإنسانية في موزمبيق واحدة من أكثر الأزمات إلحاحاً في إفريقيا اليوم، وتوجه نداءً بضرورة تجاوز صمت المجتمع الدولي أمام مظاهر "الإبادة الصامتة" وضرورة وضع حد لتلك الانتهاكات التي تهدد السلم والاستقرار والأمن الإقليمي.