هل يصبح النفط الأفريقي محور الإستراتيجية الأميركية الجديدة تحت إدارة ترامب؟

أضيف بتاريخ 08/07/2025
عير جون أفريك


تبنّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب شعاره الشهير "التجارة لا المساعدة"، ليُعيد رسم ملامح الحضور الأميركي في أفريقيا بطريقة براغماتية تركز على الموارد الطبيعية، وليس على الدعم التقليدي للتنمية. منذ انطلاق ولايته الثانية، اتخذ ترامب قرارات بتقييد المساعدات الخارجية، التي كان نحو 40% منها يذهب لدول أفريقيا جنوب الصحراء، لصالح مقاربات استثمارية وصفقات مباشرة تستهدف موارد القارةالمرجع.

لم يتوقف الأمر عند "المعادن الحرجة" التي تسعى الولايات المتحدة لتأمينها لضمان ريادتها الصناعية في المرحلة المقبلة، بل تعدى ذلك ليستوعب النفط والغاز الأفريقي. في شمال القارة، أعلن مستشار ترامب لأفريقيا مسعد بولس عن نية شركة النفط الأميركية العملاقة ExxonMobil توقيع عقد للاستثمار في مناطق بحرية ليبية، معلناً عودة الولايات المتحدة النفطية إلى ليبيا بعد سنوات من الغياب بفعل الفوضى الأمنية.

تشمل التحركات الأميركية الجديدة اتفاقيات مع شركات إدارة مشاريع مثل Hill International، بالشراكة مع الإيطالي Eni والشركة الوطنية الليبية للبترول NOC، في عقود تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات في مشاريع بحرية كبرى تهدف لاستكشاف وزيادة الإنتاج في خليج سرت الليبي. في غرب أفريقيا، أعلنت الولايات المتحدة عن استثمارات كبرى في قطاع الطاقة بساحل العاج، بما في ذلك تمويل إنشاء مصفاة حديثة بطاقة 170 ألف برميل يومياً لصالح شركة التكرير الإيفوارية. فيما تتجه شركات كبرى مثل Murphy Oil إلى تكثيف عمليات الحفر لاحقاً هذا العام.

ولا يقف الحضور الأميركي عند ليبيا أو ساحل العاج. في كل من الجزائر، نيجيريا، أنغولا وناميبيا، وقّعت شركات أميركية صفقات جديدة للاستكشاف والإنتاج، في وقت يشهد ازدياداً كبيراً في الطلب الأميركي على النفط الأفريقي. يوضح إن جي أيك، المدير التنفيذي لغرفة الطاقة الأفريقية، أن مجيء ترامب للإدارة أفرز دينامية جديدة لصالح تشجيع الاستثمار البترولي في أفريقيا بعدما كان ذلك محدوداً في عهد بايدن.

يمتلك القارة، وفق بيانات غرفة الطاقة الأفريقية، رصيداً ضخماً يقارب 125 مليار برميل من النفط و620 ألف مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي. ذلك يجعل منها لاعباً محورياً في أمن الطاقة العالمي وتؤهلها لتصبح مركز شد وجذب تنافسي بين واشنطن وبكين ومراكز القرار الأوروبيةالمرجع.

وتشهد أفريقيا حالياً تصاعداً في المنافسة الجيواقتصادية حول مواردها، ليس فقط من جانب الولايات المتحدة بل أيضاً الصين ودول أوروبية وخليجية، وذلك بغرض تأمين سلاسل توريد المعادن الضرورية للتحوّل الطاقي العالمي والصناعات التقنية.

تنعكس هذه المنافسة أيضاً في الروابط الأميركية مع بلدان مثل الكونغو الديمقراطية؛ إذ تدخلت واشنطن لدعم مفاوضات السلام مع رواندا مقابل تسهيل دخول مستثمريها في قطاعات النحاس والكوبالت والليثيوم. ومن الأمثلة أيضاً اتفاق شركة Kobold Metals المدعومة من بيل غيتس وجيف بيزوس لاستخراج واحد من أكبر مكامن الليثيوم في العالم بمنطقة مانونو.

خلاصة القول: تتحول استراتيجية ترامب تدريجياً من المساعدات والمنح إلى استقطاب الاستثمارات المعتمدة على الطاقة والمعادن، ما ينذر بمرحلة جديدة تضع أفريقيا في قلب التنافس العالمي حول الموارد الإستراتيجية، وتعيد رسم الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية للقارة السمراء.