تعيش الجزائر منذ سنوات تحت وطأة صمت كثيف يخيم على الفضاء العام والسياسي، بعد أن تصاعدت موجة التضييق على حرية التعبير واتسعت دائرة الاعتقالات التعسفية بحق نشطاء وسجناء الرأي. في هذا السياق، نقلت صحيفة "Le Matin d’Algérie" أن البلاد باتت تضم حوالي 250 معتقلاً للرأي، وهم يعيشون في ظل الإهمال والنسيان، في مشهد يعكس تراجع دولة القانون وسيطرة منطق القمع والاعتباطية. وينقل هذا المقال تقرير "Le Matin d’Algérie" كما أعادت نشره "Courrier International" بتاريخ التاسع والعشرين من يوليو 2025، ليتضح حجم الأزمة المتفاقمة.
تشير المعطيات إلى أن التشريعات الجزائرية شهدت منذ أبريل 2020 تشدداً غير مسبوق، حيث استُخدمت مواد قانونية مثل المادة 87 مكرر المرتبطة بمكافحة الإرهاب لملاحقة معارضين، مدافعين عن حقوق الإنسان، صحفيين ونقابيين، وأفراد عاديين على خلفية منشورات أو آراء تُعتبر منحرفة أو نقدية. هذا المناخ يمنع أي صوت معارض من البروز، مستهدفاً جميع الفئات من طلاب وأدباء إلى ناشطي حركة الحراك الشعبي، ويضع الجميع أمام مخاطر السجن حتى بسبب تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي أو تعبير شفهي في الشارع.
يؤكد المقال أن سياسة الترهيب لا تتوقف عند حدود الاعتقال، بل تمتد إلى منع الأسماء من الظهور في البيانات الرسمية وحتى أثناء عمليات العفو، في ما يشبه استراتيجية "الإخفاء الرمزي" التي تهدف إلى طمس الذاكرة الجمعية للنضال من أجل الحريات. على الجانب الإعلامي، تهيمن الرواية الرسمية على المنصات المحلية، فيما تخضع شبكات التواصل الاجتماعي لرقابة دقيقة، مما يقوّض أي إمكانية للاحتجاج السلمي أو التعبير الحر.
ولا يقتصر العزل على المعتقلين فحسب، بل يشمل أسرهم التي يُمنع أفرادها ومحاموهم من الحديث علناً عن معاناتهم، ما يكرس عزلة السجناء ويفاقم محنتهم. وتشير المقالة إلى أن قمع حرية التعبير أصبح سلاحاً بيد السلطة لإخماد أي محاولة لإحياء الحراك أو المطالبة بالديمقراطية، فيما تتواصل مناشدات منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والهيئات الدولية لإنقاذ الوضع الحقوقي ومنع الجزائر من الانزلاق إلى نموذج سلطوي بحت.
في هذا الجو المشحون، تبقى أصوات المعتقلين في طي النسيان، وتجتهد السلطة في تغييبهم عن الوعي العام المحلي والدولي، بينما يتواصل النضال من أجل استعادة الحق في الكلمة الحرة وكسر جدار الصمت المضروب حول المعتقلين وقضايا الحريات الأساسية.