في السنوات الأخيرة، كثفت إيران من جهودها لتعزيز حضورها ونفوذها في القارة الإفريقية. تعتمد إيران على مزيج من الشراكات الاقتصادية، والتعاون الأمني، والدبلوماسية النشطة، بالإضافة إلى البعد الديني والثقافي. من خلال هذه الاستراتيجية، تسعى طهران إلى كسر العزلة الدولية المفروضة عليها، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها، وبناء شبكة من الحلفاء في مواجهة الضغوط الغربية والإسرائيلية.
ومع تصاعد التوترات والصدامات المباشرة بين إيران وإسرائيل منذ عام 2023، أصبحت طموحات إيران في إفريقيا معرضة لاختبارات صعبة. فالتصعيد العسكري والدبلوماسي مع إسرائيل يزيد من عزلة إيران على الساحة الدولية، ويضعف قدرتها على نسج علاقات متينة مع العديد من الدول الإفريقية التي تسعى للحفاظ على توازن في علاقاتها الخارجية وتخشى من التورط في صراعات إقليمية معقدة.
رغم ذلك، لا تزال إيران تحتفظ بقدر من التأثير في بعض الدول الإفريقية، خاصة تلك التي تبحث عن بدائل للشركاء التقليديين أو تتبنى خطاباً مناهضاً للهيمنة الغربية. كما أن الخطاب الإيراني الذي يركز على التعاون جنوب-جنوب ومقاومة الضغوط الخارجية يجد صدى لدى بعض النخب الإفريقية الطامحة لتعزيز سيادة بلدانها وتنويع شراكاتها.
لكن استمرار المواجهة مع إسرائيل قد يحد من قدرة إيران على الاستثمار في إفريقيا، سواء بسبب الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، أو نتيجة تردد بعض الحكومات الإفريقية في تعميق علاقاتها مع طرف يواجه عزلة متزايدة وصراعات إقليمية. في المقابل، قد تستغل إيران الفرص الناجمة عن تزايد التوترات بين بعض الدول الإفريقية والغرب، لتعزيز حضورها في مناطق تشهد فراغاً دبلوماسياً أو اقتصادياً.
لا يبدو أن الصراع مع إسرائيل سيقضي نهائياً على طموحات إيران في إفريقيا، لكن سيجعل الطريق أكثر صعوبة وتحدياً. فنجاح إيران في الحفاظ على نفوذها الإفريقي سيعتمد على قدرتها على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وتقديم شراكات ذات قيمة حقيقية للدول الإفريقية، مع الحفاظ على قدر من الاستقرار الداخلي والدبلوماسي في مواجهة الضغوط المتزايدة.